إذا قيل : المحبةُ والوئامُ == تلألأَ في خيال المجد شامُ
ولاحتْ في أصالتها دمشقٌ == ورفرفَ فوق غوطتها الحمامُ
بلاد بارك الرحمنُ فيها == وغرّد في مغانيها السّلام
يمدّ الفجر راحتهُ إليها == مُعطّرةً ، وفي فمه ابتسامُ
وينسج من خيوط النور ثوباً == لغوطتها يُوشحه الغرامُ
فلا تسأل عن الحسناء لمّا == يفيضُ على ملامحها انسجامُ
لها وجهٌ صباحيّ جميلٌ == مُحالٌ أن يُخبئه الظلامُ
دمشقُ أصالةٍ في مقلتيها == حديثٌ لا يصوره الكلامُ
تظلّ دمشق نبراسَ المعالي == وإنْ طال السُّرى ، وجفا المنامُ
تهبُّ رياحها شرقاً وغرباً == بما يرضى به القومُ الكرام
وتعصف ريحها بدعاةِ وهمٍ == تمادوا في غوايتهم وهاموا
إذا ذكرت بلاد الشام طابتْ == بها كلماتنا ، وسما المقامُ
لأنّ الشام للكرماء رمزٌ == وإنْ أزرى بموقفها اللّئامُ
كأنّ الجامع الأموي فيها == عظيمُ القومِ ، بايعهُ العظامُ
ويبرزُ " قاسيون " كشيخِ قومٍ == يحدّثهم وفي يده حسامُ:
لقد طال اغترابُ الشام عنّا == وغيّب وجهها الصافي القتامُ
رمتها الطائفية منذ جاءت == بقسوتها وأدمتها السّهامُ
بلادُ الشامِ مازالت تعاني == ومازالت بحسرتها تُضامُ
سلوا عنها " حماةً " فهي تبكي == وإنْ ضحكتْ وأسكتها اللجامُ
وإنّ ترابها مازال يشكو == وفي ذرّاتهِ دمها الحرامُ
نشازٌ أن تكون الشامُ داراً == لطائفةٍ سجيتها انتقامُ
يباعدها عن الإسلام وهمٌ == وينخرُ في عقيدتها السَّقامُ
وفي محرابِ درعةَ ما يُرينا == شواهدَ من جرائمها ، تُقامُ
أيا أكنافَ بيت القدسِ إنّي == أرى غيثاً يجود به الغمامُ
لقد آن الآوان لكسر قيدٍ == فهبّي من قيودك يا شآمُ
لقد كان اختطافك باب ذلٍّ == ومثلك بالمذلةِ لا يُسامُ